responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 2  صفحه : 370
أَنَّ الْمَعْنَى: مِنَ الصِّفَةِ الَّتِي أَمَرَكُمُ اللَّهُ وَهِيَ الطُّهْرُ، فَحَيْثُ مَجَازٌ فِي الْحَالِ أَوِ السَّبَبِ وَ (مِنْ) لِابْتِدَاءِ الْأَسْبَابِ فَهِيَ بِمَعْنَى التَّعْلِيلِ.
وَالَّذِي أَرَاهُ أَنَّ قَوْلَهُ: مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ قَدْ عَلِمَ السَّامِعُونَ مِنْهُ أَنَّهُ أَمْرٌ مِنَ اللَّهِ كَانَ قَدْ حَصَلَ فِيمَا قَبْلُ، وَأَمَّا (حَيْثُ) فَظَرْفُ مَكَانٍ وَقَدْ تُسْتَعْمَلُ مَجَازًا فِي التَّعْلِيلِ فَيَجُوزُ أَنَّ الْمُرَادَ بِأَمْرِ اللَّهِ أَمْرُهُ الَّذِي تَضَمَّنَتْهُ الْغَايَةُ بِ (حَتَّى) فِي قَوْلِهِ: وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ لِأَنَّ غَايَةَ النَّهْيِ تَنْتَهِي إِلَى الْإِبَاحَةِ فَالْأَمْرُ هُوَ الْإِذْنُ، وَ (مِنْ) لِلِابْتِدَاءِ الْمَجَازِيِّ، وَ (حَيْثُ) مُسْتَعْمَلَةٌ فِي التَّعْلِيلِ مَجَازًا تَخْيِيلِيًّا أَيْ لِأَنَّ اللَّهَ أَمَرَكُمْ بِأَنْ تَأْتُوهُنَّ عِنْدَ انْتِهَاءِ غَايَةِ النَّهْيِ بِالتَّطَهُّرِ. أَوِ الْمُرَادُ بِأَمْرِ اللَّهِ أَمْرُهُ الَّذِي بِهِ أَبَاحَ التَّمَتُّعَ بِالنِّسَاءِ وَهُوَ عَقْدُ النِّكَاحِ، فَحَرْفُ (مِنْ) لِلتَّعْلِيلِ وَالسَّبَبِيَّةِ، وَ (حَيْثُ) مُسْتَعَارٌ لِلْمَكَانِ الْمَجَازِيِّ وَهُوَ حَالَةُ الْإِبَاحَةِ الَّتِي قَبْلَ النَّهْيِ كَأَنَّهُمْ كَانُوا مَحْجُوزِينَ عَنِ اسْتِعْمَالِ الْإِبَاحَةِ أَوْ حُجِرَ عَلَيْهِمُ الِانْتِفَاعُ بِهَا ثُمَّ أُذِنَ لَهُمْ بِاسْتِعْمَالِهَا فَشُبِّهَتْ حَالَتُهُمْ بِحَالَةِ مَنْ حُبِسَ عِنْدَ مَكَانٍ ثُمَّ أُطْلِقَ سَرَاحُهُ فَهُوَ يَأْتِي مِنْهُ إِلَى حَيْثُ يُرِيدُ. وَعَلَى هَذَيْنِ الْمَعْنَيَيْنِ لَا يَكُونُ فِي الْآيَةِ مَا يُؤْذِنُ بِقَصْدِ تَحْدِيدِ الْإِتْيَانِ بِأَنْ يَكُونَ فِي مَكَانِ النَّسْلِ، وَيُعَضِّدُ هَذَيْنِ الْمَعْنَيَيْنِ تَذْيِيلُ الْكَلَامِ بِجُمْلَةِ: إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ وَهُوَ ارْتِفَاقٌ بِالْمُخَاطَبِينَ بِأَنَّ ذَلِكَ الْمَنْعَ كَانَ لِمَنْفَعَتِهِمْ لِيَكُونُوا مُتَطَهِّرِينَ، وَأَمَّا ذِكْرُ التَّوَّابِينَ فَهُوَ إِدْمَاجٌ لِلتَّنْوِيهِ بِشَأْنِ التَّوْبَةِ عِنْدَ ذِكْرِ مَا يَدُلُّ عَلَى امْتِثَالِ مَا
أَمَرَهُمُ اللَّهُ بِهِ مِنَ اعْتِزَالِ النِّسَاءِ فِي الْمَحِيضِ أَيْ إِنَّ التَّوْبَةَ أَعْظَمُ شَأْنًا مِنَ التَّطَهُّرِ أَيْ أَنَّ نِيَّةَ الِامْتِثَالِ أَعْظَمُ مِنْ تَحَقُّقِ مَصْلَحَةِ التَّطَهُّرِ لَكُمْ، لِأَنَّ التَّوْبَةَ تَطَهُّرٌ رُوحَانِيٌّ وَالتَّطَهُّرُ جُثْمَانِيٌّ.
وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ: مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ عَلَى حَقِيقَةِ (مِنْ) فِي الِابْتِدَاءِ وَحَقِيقَةِ (حَيْثُ) لِلْمَكَانِ وَالْمُرَادُ الْمَكَانُ الَّذِي كَانَ بِهِ أَذَى الْحَيْضِ.
وَقَدْ قِيلَ: إِنْ جُمْلَةَ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ مُعْتَرِضَةٌ بَيْنَ جُمْلَةِ فَإِذا تَطَهَّرْنَ وَجُمْلَةِ نِساؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ [الْبَقَرَة: 223] [223]

[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 223]
نِساؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ وَقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ مُلاقُوهُ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ (223)
نِساؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ.
هَذِهِ الْجُمْلَةُ تَذْيِيلٌ ثَانٍ لِجُمْلَةِ: فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ [الْبَقَرَة: 222] قُصِدَ بِهِ الِارْتِفَاقُ بِالْمُخَاطَبِينَ وَالتَّأَنُّسُ لَهُمْ لِإِشْعَارِهِمْ بِأَنَّ مَنْعَهُمْ مِنْ قِرْبَانِ النِّسَاءِ فِي مُدَّةِ الْمَحِيضِ مَنْعٌ مُؤَقَّتٌ لِفَائِدَتِهِمْ وَأَنَّ اللَّهَ

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 2  صفحه : 370
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست